-A +A
أحمد راشد البحيري *
ليس معقولا أن نتحدث عن صورتنا الحضارية في عيون العالم مع بدء تطبيق رؤية المملكة 2030، ونتراجع خطوات للخلف بسبب التعصب الرياضي، الذي يمثل حجر عثرة كبيرة في سبيل تطور رياضتنا، قبل أن يكون أكبر الكوارث التي تضرب لحمتنا الوطنية، وتعيدنا لعهود غابرة نعمل جميعا على تجاوزها، فنحن جميعا من هلاليين، واتحاديين، وأهلاويين، ونصراويين وغيرهم من الأندية، يرفرف فوقنا علم واحد، ونستظل تحت كلمة التوحيد «لا إله إلا الله»، وتجمعنا أرض طاهرة تتوق لها الأفئدة من كل بقاع العالم، حتى لا يسوقنا هذا التعصب إلى مجالات أخرى تضعف أواصر مجتمعنا المترابط، بل قد يتخذه المتربصون مطية لنيل مآربهم.

اللجنة التي شكلها مجلس الوزراء لمعالجة التعصب الرياضي لم تبدأ من فراغ، بل تستند إلى حقائق ستكون مفجعة لو لم نأخذها بعين الاعتبار، فهذا هو المدير التنفيذي للجنة الأوليمبية السعودية المهندس لؤي ناظر يقول إنهم وجدوا البيئة الرياضية في المملكة لا تساعد على تحقيق الإنجازات، في ظل حالة التربص والكراهية بين بعض المنتمين للأندية!


نحتاج إلى مجموعة كبيرة من المبادرات تبدأ من خارج الملعب، بالاتفاق على منع التصريحات التي تؤدي إلى إشعال نار التعصب، والبعد عن العبارات الجارحة والمستفزة في اللوحات والعبارات التي تحملها جماهير الأندية خلال المباريات، ثم يقوم نجوم كرة القدم اللعبة الأكثر شهرة بتجسيد البادرة من خلال الدخول إلى الملعب بأيدٍ متشابكة وتحية جمهور الفريق المنافس، الأمر الذي سينعكس على الجماهير ويساهم في خروج المباريات بصورة حضارية رائعة تليق بالكرة السعودية وباسم الأندية الكبيرة، مع الحفاظ على التنافس المثير والشريف مثلما يحدث في الملاعب الأوروبية وبين الأندية العالمية الشهيرة.. بحيث يصبح التنافس داخل الملعب فقط.

والأهم من ذلك كله.. لابد أن نضرب بقوة على الأيدي التي تحاول أن تعيدنا خطوات للخلف، فلن تجدي أي خطوة لنبذ وكبح جماح التعصب طالما أن الأسماء التي تثير حفيظة الشارع الرياضي وتسعى لتأجيجه وتأليب الجماهير وحشد الرأي العام توجد بشكل مستمر على المنابر الإعلامية وتتحدث بحرية، يشككون ليل نهار في المسابقات الرياضية السعودية وإدارتها، ويتجاوزون ذلك إلى التحريض على المؤسسات الرياضية وزرع فكرة محاباة بعض الأندية من قبل هذه المؤسسات على حساب أندية أخرى.

من حق الإعلام أن يكتب وينتقد بحرية.. لكن هناك فارق كبير بين النقد والتجريح.. بين الحماس والتأجيج، بين التشجيع والفتنة، من المهم أن نتعرف بشكل جيد على كل هذه المفاهيم، ونضع خطوطا فاصلة بينها حتى نستطيع أن نتطور ونواكب رؤية طموحة، وضع لبناتها الأولى أمير شاب هو الأمير محمد بن سلمان، وسعى من خلالها إلى تأمين مستقبل أفضل للشباب.. ليس من خلال الرياضة فقط.. بل في جميع المجالات.

* محامٍ ومستشار قانوني